شهد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر بعد 30 يونيو 2013 تحولًا غير مسبوق، جعله أحد أبرز روافد الاقتصاد الوطني ومحركات التنمية المستدامة، حيث تبنت الدولة استراتيجية متكاملة للتحول الرقمي، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتأهيل الكوادر البشرية، لتؤسس بذلك لنهضة رقمية حديثة تلبي متطلبات المستقبل.

بنية تحتية متطورة وخدمات الجيل الخامس

انطلقت الدولة في تنفيذ خطة طموحة لتطوير البنية التحتية الرقمية على مستوى الجمهورية، وشملت أبرز الإنجازات التي يرصدها تحيا مصر:

رفع متوسط سرعة الإنترنت الأرضي من 5.5 ميجابت/ثانية في عام 2018 إلى أكثر من 50 ميجابت/ثانية في عام 2024.

مد أكثر من 27 ألف كيلومتر من كابلات الألياف الضوئية لربط المؤسسات الحكومية والمدارس ضمن المشروع القومي للتحول الرقمي.

توسيع تغطية شبكات الجيل الرابع وتحسين جودة خدمات المحمول في مختلف المحافظات.

البدء الفعلي في إدخال خدمات الجيل الخامس (5G) من خلال تخصيص ترددات تجريبية للشركات المشغلة، وبدء التشغيل التجريبي في العاصمة الإدارية والمناطق الصناعية، تمهيدًا لتوسيع الإطلاق في المدن الذكية والمراكز الاقتصادية الكبرى، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة للتقنيات المتقدمة مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي.

خدمات حكومية رقمية عبر "مصر الرقمية" 

وفي إطار خطة الدولة لتبسيط الإجراءات وتحقيق الحوكمة، تم إطلاق منصة "مصر الرقمية" لتكون نافذة موحدة لتقديم الخدمات الحكومية إلكترونيًا. وتشمل إنجازاتها:

إتاحة أكثر من 220 خدمة إلكترونية في مجالات مثل التموين، المرور، التوثيق، المحاكم، الضرائب، التأمينات الاجتماعية.

تسجيل أكثر من 4.2 مليون مستخدم على المنصة حتى منتصف 2025.

رقمنة أكثر من 95% من الخدمات الحكومية داخل العاصمة الإدارية الجديدة، لتكون أول مدينة حكومية ذكية بالكامل في مصر.

طفرة اقتصادية وصادرات رقمية

وحقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات معدلات نمو قوية، ليُصبح أحد أسرع القطاعات نموًا في الاقتصاد المصري:

سجل القطاع نموًا بنسبة 16.3% خلال العام المالي 2022/2023.

ارتفعت صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات إلى 5.5 مليار دولار في 2024.

توسعت مصر في تقديم خدمات التعهيد (Outsourcing) لتصبح من أكبر 5 دول على مستوى العالم في هذا المجال.

جذب استثمارات عالمية في مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية، من شركات كبرى مثل مايكروسوفت وOracle.

تأهيل الكوادر.. ومبادرات لصناعة جيل رقمي

ركزت الدولة على بناء الإنسان الرقمي وتأهيل الشباب للمستقبل، من خلال برامج ومبادرات قومية، أبرزها:

"رواد مصر الرقمية": وهي مبادرة تعليمية متقدمة أطلقتها وزارة الاتصالات، تهدف لمنح درجات علمية متخصصة (دبلومة وماجستير) في مجالات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي، علوم البيانات، الأمن السيبراني، وذلك بالتعاون مع جامعات عالمية مرموقة.

"مستقبلنا رقمي": والتي درّبت أكثر من 200 ألف شاب على المهارات الرقمية المطلوبة لسوق العمل الحر والتقني.

إنشاء 12 مركزًا لـ"إبداع مصر الرقمية" حتى الآن، لتوفير الدعم الفني والتقني والتمويلي لرواد الأعمال في المحافظات.

افتتاح مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية، كمجمع متكامل يضم مؤسسات تعليمية، مراكز بحوث، وشركات تكنولوجية محلية وعالمية.

بوابة مصر للعالم الرقمي

توسعت الدولة في مشروعات الكابلات البحرية، مثل مشروع "حورس 2"، مما عزز موقع مصر كمركز عالمي لمرور البيانات بين أوروبا وآسيا وأفريقيا.

تم نشر خدمات الدفع الإلكتروني والمحافظ الذكية، والتي يستخدمها حاليًا أكثر من 30 مليون مواطن.

العمل على مبادرات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين بالتوازي مع الإعداد لاستراتيجية وطنية شاملة للثورة الصناعية الرابعة.

بعد 30 يونيو، لم يعد قطاع الاتصالات مجرد خدمات اتصالية، بل أصبح ذراعًا استراتيجيًا لبناء "مصر الرقمية"، ومفتاحًا لمستقبل يعتمد على التكنولوجيا والمعرفة، وبينما تواصل الدولة الاستثمار في التحول الرقمي، يظل هذا القطاع شاهدًا على قدرة مصر على المنافسة إقليميًا وعالميًا، برؤية واضحة.